سورة ص - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ص)


        


واختلفوا في معنى {ص} على سبعة أقوال:
أحدها: أنه قَسَم أَقسم اللهُ به، وهو من أسمائه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: أنه بمعنى صَدَقَ محمدٌ، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث: صَدَقَ اللهُ، قاله الضحاك. وقد روي عن ابن عباس أنه قال: معناه صادق فيما وَعََدَ. وقال الزجاج: معناه: الصادقُ اللهُ تعالى.
والرابع: أنه اسم من أسماء القرآن، أَقسَمَ اللهُ به، قاله قتادة.
والخامس: أنه اسم حَيَّة رأسُها تحت العرش وذَنَبُها تحت الأرض السُّفلى، حكاه أبو سليمان الدمشقي، وقال: أظنه عن عكرمة.
والسادس: أنه بمعنى: حادِثِ القرآن، أي: انظُر فيه، قاله الحسن، وهذا على قراءة من كسروا، منهم ابن عباس، والحسن، وابن أبي عبلة. قال ابن جرير: فيكون المعنى: صادِ بِعَمَلِكَ القرآن، أي: عارِضْه. وقيل: اعْرَضْه على عملك، فانظُر أين هو منه.
والسابع: أنه بمعنى: صادَ محمدٌ قلوبَ الخَلْق واستمالها حتى آمَنوا به وأَحَبُّوه. حكاه الثعلبي، وهذا على قراءة من فتح. وهي قراءة أبي رجاء، وأبي الجوزاء، وحميد، ومحبوب عن أبي عمرو. قال الزجاج: والقراءة صادْ، بتسكين الدال، لأنها من حروف التَّهجِّي، وقد قُرئتْ بالفتح وبالكسر، فمن فتحها، فعلى ضربين:
أحدهما: لالتقاء الساكنين.
والثاني: على معنى: أُتْلُ صاد، ويكون صاد اسماً للسورة لاينصرف؛ ومن كسر، فعلى ضربين:
أحدهما: لالتقاء الساكنين أيضاً.
والثاني: على معنى: صادِ القرآن بعملك، من قولك: صَادَى يُصَادِي: إِذا قابَل وعادَل، يقال: صادَيْتُه: إِذا قابَلْته.
قوله تعالى: {ذِي الذِّكْرِ} في المراد بالذِّكْر ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الشَّرَف، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، والسدي.
والثاني: البيان، قاله قتادة.
والثالث: التذكير، قاله الضحاك.
فإن قيل: أين جواب القسَم بقوله: {ص والقرآنِ ذِي الذِّكْرِ}؟
فعنه خمسة أجوبة:
أحدها: أن {ص} جواب لقوله: {والقرآن}، ف {ص} في معناها، كقولك: وَجَبَ واللهِ، نَزَلَ واللهِ، حَقٌّ واللهِ، قاله الفراء، وثعلب.
والثاني: أن جواب {ص} قوله: {كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِم مِنْ قَرْنٍ}، ومعناه: لَكَمْ. فلمّا طال الكلام، حُذفت اللامُ، ومِثله: {والشَّمْسِ وضُحاها} [الشمس: 1] {قد أَفْلَحَ} [الشمس: 9]، فإن المعنى: لقد أَفْلَحَ، غير أنه لمّا اعترض بينهما كلام، تبعه قوله: {قد أَفْلَحَ}، حكاه الفراء، وثعلب أيضاً.
والثالث: أنه قوله: {إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ} [ص: 14]، حكاه الأخفش.
والرابع: أنه قوله: {إِنَّ ذلكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النّارِ} [ص: 64]، قاله الكسائي. وقال الفراء: لا نجده مستقيماً في العربية، لِتأخُّره جداً عن قوله: {والقرآنِ}.
والخامس: أن جوابه محذوف، تقديره: والقرآنِ ذي الذِّكْر ما الأَمْرُ كما يقول الكُفَّار، ويدل على هذا المحذوف قوله: {بَلِ الذين كَفَروا في عِزَّةٍ وشقاقٍ}، ذكره جماعة من المفسرين، وإِلى نحوه ذهب قتادة.
والعِزَّةُ: الحَمِيَّةُ والتكبُّر عن الحَقّ. وقرأ عمرو بن العاص، وأبو رزين، وابن يعمر، وعاصم الجحدري، ومحبوب عن أبي عمرو: {في غِرَّةٍ} بغين معجمة وراء غير معجمة. والشِّقاق: الخِلاف والعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان الكلمتين مشروحاً [البقرة: 206، 138].
ثم خوَّفهم بقوله تعالى: {كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهم مِنْ قَرْنٍ} يعنى الأُمم الخالية {فنادَوْا} عند وقوع الهلاك بهم. وفي هذا النداء قولان:
أحدهما: أنه الدُّعاء.
والثاني: الاستغاثة.
قوله تعالى: {ولاتَ حينَ مَناصٍ} وقرأ الضحاك، وأبو المتوكل، وعاصم الجحدري، وابن يعمر: {ولاتَ حينُ} بفتح التاء ورفع النون. قال ابن عباس: ليس حين يروه فِرار. وقال عطاء: في لغة أهل اليمن {لاتَ} بمعنى ليس. وقال وهب بن منبه: هي بالسريانية. وقال الفراء: {لاتَ} بمعنى ليس. والمعنى: ليس بحينِ فِرار. ومن القرّاء من يَخْفضُ {لاتِ}، والوجه النَّصْب، لأنها في معنى ليس. أنشدني المفضَّل:
تَذَكَّرَ حُبَّ لَيْلَى لاتَ حِينا *** وأضْحَى الشَّيْبُ قَدْ قَطَعَ القَرِينا
قال ابن الأنباري: كان الفراء والكسائي والخليل وسيبويه والأخفش وأبو عبيدة يذهبون إلى أن التاء في قوله تعالى: {ولاتَ} منقطعة من {حين} قال: وقال أبو عبيدة: الوقف عندي على هذا الحرف {ولا}، والابتداء {تحين} لثلاث حُجج:
إِحداهن: أن تفسير ابن عباس يشهد لها، لأنه قال: ليس حِينَ يَرَوْه فِرار؛ فقد عُلِمَ أنّ {ليس} هي أخت {لا} وفي معناها.
والحُجة الثانية: أنّا لا نَجِدُ في شيء من كلام العرب {ولات}، إنما المعروفة {لا}.
والحجة الثالثة: أن هذه التاء، إنما وجدناها تلحق مع {حين} ومع الآن ومع الـ: أوان فيقولون: كان هذا تحين كان ذلك، وكذلك: تأوان، ويقال: اذهب تَلانَ، ومنه قول أبي وجزة السعدي:
العَاطِفُونَ تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ *** والمَطْعِمُونَ زَمَانَ مَا مِنْ مُطْعِمِ
وذكر ابن قتيبة عن ابن الأعرابي أن معنى هذا البيت: العاطفونة بالهاء، ثم تبتدئ: حينَ مامِنْ عاطِفٍ، قال ابن الأنباري: وهذا غلط لأن الهاء إنما تُقْحَم على النُّون في مواضع القَطْعُ والسُّكون، فأمّا مع الاتصال، فإنه غير موجود. وقال عليّ بن أحمد النيسابوري: النحويُّون يقولون في قوله: {ولاتَ} هي {لا} زيدت فيها التاء، كما قالوا: ثُمَّ وثُمَّتْ، ورُبَّ ورُبَّتْ، وأصلها هاءٌ وُصِلَتْ ب {لا} فقالوا: لاه فلمّا وَصَلُوها، جعلوها تاءً؛ والوقف عليها بالتاء عند الزجاج، وأبي عليّ، وعند الكسائي بالهاء، وعند أبي عبيد الوقف على {لا}.
فأما المَناص، فهو الفرار. قال الفراء: النَّوْص في كلام العرب: التأخُّر؛ والبَوْصُ: التقدّم. قال إمرؤ القَيْس:
أَمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى إِذْ نأَتْكَ تَنُوصُ *** فتَقْصُرُ عَنْها خَطْوَةً وتَبُوصُ
وقال أبوعبيدة: المَنَاصُ: مصدر نَاصَ يَنُوصُ، وهوالمنجى والفوز.


قوله تعالى: {وعَجِبوا} يعني الكفار {أَنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} يعني رسولاً من أَنْفُسهم يُنْذِرُهم النَّارَ.
{أجعل الآلهة إِِلهاً واحداً} لأنه دعاهم إلى الله وحده وأبطل عبادة آلهتهم؛ وهذا قولهم لمّا اجتمعوا عند أبي طالب، وجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أتُعطوني كلمة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم، وهي لا إِله إِلا الله» فقاموا يقولون: {أَجَعَلَ الآلهةَ إِلهاً واحداً} ونزلت هذه الآية فيهم. {إِنّ هذا} الذي يقول محمد من أن الآلهة إِله واحد {لَشَيءٌ عُجابٌ} أي: لأمرٌ عَجَبٌ. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو العالية، وابن يعمر، وابن السميفع: {عُجّابٌ} بتشديد الجيم. قال اللغويون: العُجَاب والعجّاب والعجيب بمعنى واحد، كما تقول: كَبِيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ، وكَرِيمٌ وكُرامٌ وكُرَّامٌ، وطَوِيلٌ وطُوَالٌ وطُوَّالٌ؛ وأنشد الفراء:
جاؤوا عَجَبٍ مِنَ العَجَبْ *** أُزَيْرِقِ العينينِ طُوَّالِ الذَّنَبْ
قال قتادة: عجب المشركون أن دُعي اللهُ وَحْدَه وقالوا: أَيَسْمَعُ لِحاجاتنا جميعاً إِلهٌ واحد؟.
وقوله تعالى: {وانْطَلَقَ المَلأُ منهم} قال المفسرون: لمّا اجتمع أشراف قريش عند أبي طالب وشَكَوا إِليه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على ما سبق بيانه، نفروا من قوله: «لا إِله إِلا الله»، وخرجوا من عند أبي طالب، فذلك قوله: {وانْطَلَقَ الملأُ منهم}. والانطلاق: الذّّهَابُ بسهولة، ومنه طَلاَقَةُ الوَجْه، والملأُ أشراف قريش، فخرجوا يقول بعضهم لبعض: {امْشُوا} و{أن} بمعنى أي؛ فالمعنى: أي: امْشُوا. قال الزجاج: ويجوز أن يكون المعنى: انْطَلِقوا بأن امْشُوا، أي: انْطَلَقوا بهذا القول. وقال بعضهم: المعنى: انْطَلَقوا يقولون: امْشُوا إِلى أبي طالب فاشْكُوا إليه ابنَ أخيه، {واصبروا على آلهتكم} أي: اثبُتوا على عبادتها {إنّ هذا} الذي نراه من زيادة أصحاب محمد {لَشَيءٌ يُراد} أي: لأمرٌ يُرادُ بِنَا.
{ما سَمِعْنا بهذا} الذي جاء به محمدٌ من التوحيد {في المِلَّة الآخِرةِ} وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: النصرانية، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وإِبراهيم بن المهاجر عن مجاهد، وبه قال محمد بن كعب القرظي، ومقاتل.
والثاني: أنها مِلَّة قريش، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد، وبه قال قتادة.
والثالث: اليهودية والنصرانية، قاله الفراء، والزجاج؛ والمعنى أن اليهود أشركت بعُزَير، والنصارى قالت: ثالث ثلاثة، فلهذا أنْكَرَتِ التوحيدَ.
{إنْ هذا} الذي جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم، {إِلا اختلاقٌ} أي: كذب. {أَأُنزل عليه الذِّكر} يعنون القرآن.{عليه} يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم، {مِنْ بينِنا} أي: كيف خُصَّ بهذا دونَنَا، وليس بأعلانا نَسَباَ ولا أعظمَنا شَرَفاَ؟! قال الله تعالى: {بَلْ هُمْ في شَكٍّ مِنْ ذِكْري} أي: من القرآن؛ والمعن: أنهم ليسوا على يقين ممّا يقولون، إِنما هم شاكُّون {بَلْ لَمّا} قال مقاتل:{لمّا} بمعن لم كقوله:{ولمّا يَدْخُلِ الإِيمانُ في قُلوبكم} [الحجرات: 14]. وقال غيره: هذا تهديد لهم. والمعنى: أنه لو نزل بهم العذاب، علموا أن ما قاله محمدٌ حقٌّ. وأثبت ياء {عذابي} في الحالين يعقوب.
قال الزجاج: ولما دَلَّ قولُهم: {أَأُنْزِلَ عليه الذِّكْرُ} على حسدهم له، أعلم اللهُ عز وجل أن المُلْك والرِّسالة إِليه، فقال: {أَمْ عِنْدَهم خزائنُ رَحْمَةِ ربِّكَ}؟! قال المفسرون: ومعنى الآية: أبأيديهم مفاتيحُ النُّبوَّة فيضعونها حيث شاؤوا؟! والمعنى: ليست بأيديهم، ولا مُلْكُ السموات والأرض لهم. فإن ادّعَوْا شيئاً من ذلك {فَلْيَرْتَقُوا في الأَسبابِ}. قال سعيد بن جبير: أي: في أبواب السماء. وقال الزجاج: فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء.
قوله تعالى: {جُنْدٌ} أي: هُمْ جُنْدٌ. والجُند: الأَتباع؛ فكأنه قال: هُمْ أَتباعٌ مقلِّدون ليس فيهم عالِمٌ راشد. و{ما} زائدة، و{هنالك} إِشارة إِلى بدر. والأحزاب: جميع مَنْ تقدَّمهم من الكفار الذين تحزَّبوا على الأنبياء. قال قتادة: أخبر اللهُ نبيَّه وهو بمكة أنه سيَهْزِمُ جُند المشركين، فجاء تأويلُها يومَ بدر.


قوله تعالى: {كذَّبَتْ قَبْلَهم قومُ نُوحٍ} قال أبو عبيدة: قَوْمٌ من العرب يؤنِّثون القوم، وقوم يذكِّرون، فإن احتُجَّ عليهم بهذه الآية قالوا: وقع المعنى على العشيرة، واحتَجُّوا بقوله: {كَلاّ إِنّها تَذْكِرَةٌ} [عبس: 11]، قالوا: والمُضْمَر مذكَّر.
قوله تعالى: {وفرعونُ ذو الأوتاد} فيه ستة أقوال:
أحدها: أنه كان يعذِّب الناس بأربعة أوتاد يَشُدُّهم فيها، ثُمَّ يرفع صخرة فتُلقى على الإِنسان فتَشْدَخُه، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وكذلك قال الحسن، ومجاهد: كان يعذِّب الناسَ بأوتاد يُوتِدُها في أيديهم وأرجُلهم.
والثاني: أنه ذو البِناء المُحْكَم، روي عن ابن عباس أيضاً، وبه قال الضحاك، والقرظي، واختاره ابن قتيبة، قال: والعرب تقول: هُمْ في عزٍّ ثابتِ الأوتاد ومُلكٍ ثابتِ الأوتاد، يريدون أنه دائم شديد، وأصل هذا، أن البيت من بيوتهم يثبتُ بأوتاد، قال الأسود بن يَعْفُرَ:
ولقد غَنُّوا فيها بِأَنْعَمِ عِيشَةٍ *** في ظِلِّ مُلْكٍ ثَابِتِ الأَوْتادِ
والثالث: أن المراد بالأوتاد: الجنودُ، رواه عطية عن ابن عباس، وذلك أنهم كانوا يَشُدُّونَ مُلكه ويُقَوُّون أمره كما يقوِّي الوَتِدُ الشيءَ.
والرابع: أنه كان يبني مَناراً يذبح عليها الناس.
والخامس: أنه كان له أربع أسطوانات، فيأخذ الرَّجُلَ فيمُدُّ كلَّ قائمة إِلى أُسْطوانة فيعذِّبه. روي القولان عن سعيد بن جبير.
والسادس: أنه كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يُلعَب له عليها، قاله عطاء، وقتادة.
ولمّا ذكر المكذّبين، قال: {أولئك الأحزابُ} فأعَلمنا أن مشركي قريش من هؤلاء، وقد عذِّبوا وأُهلكوا، {فَحَقَّ عِقَاِب}، أثبت الياء في الحالين يعقوب. {وما ينظرُ} أي: وما يَنتظر {هؤلاء} يعني كفار مكة {إلاَّ صَيْحَةً واحدة} وفيها قولان:
أحدهما: أنها النفخة الأولى، قاله مقاتل.
والثاني: النفخة الأخيرة، قاله ابن السائب.
وفي الفَواق قراءتان: قرأ حمزة، وخلف، والكسائي: بضم الفاء، وقرأ الباقون: بفتحها، وهل بينهما فرق أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: أنهما لغتان بمعنى واحد، وهو معنى قول الفراء، وابن قتيبة، والزجاج. قال الفراء: والمعنى: مالها من راحة ولا إِفاقة، وأصله من الإِفاقة في الرضاع إذا ارتضعت البهيمة أُمَّها ثم تركتْها حتى تنزل شيئاً من اللَّبَن، فتلك الإفاقة، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العِيادةُ قَدْرُ فُواق ناقة» ومن يفتح الفاء، فهي لغة جيدة عالية، وقال ابن قتيبة: الفُواق والفَواق واحد، وهو أن تُحْلَبَ النّاقةُ وتُتركَ ساعةً حتى تُنزل شيئاً من اللَّبَن، ثم تُحْلَب، فما بين الحَلْبتين فواق، فاستعير الفواق في موضع المكث والانتظار. وقال الزجاج: الفُواق ما بين حلبتَي النّاقة، وهو مشتق من الرُّجوع، لأنه يَعُودُ اللَّبَن إلى الضّرع بين الحَلْبتين، يقال: أفاق من مرضه، أي: رَجَع إِلى الصِّحَّة.
والثاني: أن مَنْ فتحها، أراد: مالَها مِنْ راحة، ومن ضمَّها، أراد: فُواق الناقة، قاله أبو عبيدة.
وللمفسرين في معنى الكلام أربعة أقوال:
أحدها: مالها من رجعة، ثم فيه قولان:
أحدهما: مالها من ترداد، قاله ابن عباس، والمعنى: أن تلك الصيحة لا تُكَرَّرُ.
والثاني: مالها من رجوع إلى الدنيا، قاله الحسن، وقتادة، والمعنى: أنهم لا يعودون بعدها إلى الدنيا.
والثاني: ما لهم منها من إفاقة، بل تُهْلِكهم، قاله ابن زيد.
والثالث: مالها من فُتور ولا انقطاع، قاله ابن جرير.
والرابع: مالها من راحة، حكاه جماعة من المفسرين.

1 | 2 | 3 | 4